المحرر الصحي
تسود
العديد من المغالطات عن ضغط الدم بسبب المعلومات غير الدقيقة التي تنشر
عنه من مصادر غير متخصصة، مع أن هذه المسألة بالغة الأهمية لصحة الإنسان،
بالنظر الى ان انخفاض ضغط الدم أو ارتفاعه يؤشران إلى وجود أمراض مختلفة في
الجسم.
ويلتقي المختصون في الرأي بأن زيادة الوزن وزيادة تناول الملح
في الطعام، من العوامل التي تزيد احتمالات الإصابة بارتفاع ضغط الدم، إضافة
إلى التقدم في العمر والعمل في مهن يتعرض فيها الشخص للتوتر، أو التدخين
بشكل منتظم، أو عدم ممارسة الرياضة.
الوهم الأول
الضغط المرتفع يترافق مع ارتفاع
الكوليسترول
يعتقد الكثير من الناس خطأ أن ضغط الدم المرتفع
يعني بشكل أوتوماتيكي ارتفاع مستوى الكوليسترول في الجسم. صحيح أنهما
يظهران في الكثير من الحالات في الوقت نفسه، غير أن الخبراء لا يربطون بين
الأمرين، بمعنى أن وجود الأول لا يعني بالضرورة وجود الثاني، والعكس صحيح.
فقد يعاني شخص من ارتفاع نسبة الكوليسترول فقط، أو من ارتفاع ضغط الدم فقط.
وعلى الرغم من ذلك من المفيد القيام بعملية قياس منتظمة لضغط الدم الذي قد
يؤشر إلى حدوث ارتفاع نسبة الكوليسترول.
الوهم الثاني
الضغط
العادي هو 140/90
لفترة طويلة جدا اعتبر ضغط الدم عاديا
عندما يكون 140/90 مع إجراء بعض التعديلات على الرقمين مع التقدم في العمر،
غير أن معايير معهد «ناسيونال هارت آند لانغ آند بلود» اعتبرت أن ضغط الدم
يكون صحيا عندما يكون اقل من 120/80 أما ضغط الدم المرتفع فاعتبرته كذلك
عند وصوله إلى مستوى 130/80.
ويستخدم الأطباء إضافة إلى ذلك مصطلح ما
قبل ارتفاع ضغط الدم الذي يشمل الضغط الانقباضي الذي يتراوح بين 120 و139
والضغط الانبساطي الذي يتراوح بين 80 و89.
ووفق معطيات البحث القومي
للصحة والتعليم، فإنه يكفي ارتفاع نسبة الضغط الانقباضي لدى الشخص بمقدار
20 نقطة ونسبة الضغط الانبساطي بمقدار 10 نقاط، حتى تزداد مخاطر الإصابة
بالأمراض القلبية وأمراض الأوعية الدموية بمقدار مرتين.
وفي المقابل فان
قيم أو نسب ضغط الدم تظهر أيضا بين الناس المعافين، وذلك تحت تأثير التقدم
في العمر أو بسبب استخدام أدوية معينة، أو نتيجة التعرض للتوتر أو لتناول
الكحول، إضافة إلى عامل آخر يطلق عليه تسمية «اللباس الأبيض»، حيث يرتفع
ضغط الدم لدى البعض بشكل سريع نتيجة وجوده في وسط طبي، في حين يعود إلى
وضعه الطبيعي عند عودته إلى منزله.
الوهم الثالث
المطلوب قياس ضغط الدم يوميا
يكفي
أثناء الإصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم قيام الشخص بقياس ضغطه مرة واحدة في
الأسبوع. صحيح أن أجهزة قياس ضغط الدم المنزلية تساعد في المحافظة على
الوعي حول معدلات الضغط، غير أن الناس يميلون عادة إلى إساءة استخدام
الأشياء، وبالتالي فمن العبث الشعور بالتوتر والقلق في كل يوم من جراء
تكرار القياس، لاسيما ان القياسات تعكس في الأغلب تذبذبات مختلفة صعودا
وهبوطا.
إن إلحاق الأذى بالصحة نتيجة لارتفاع ضغط الدم أمر طويل المدى
وليس قضية أيام، لذلك فان الأمر الأكثر أهمية من القياس اليومي للضغط هو
المحافظة على وزن الجسم وممارسة أسلوب الحياة النشيط (ممارسة الرياضة
لعشرين دقيقة على الأقل يوميا).
الوهم الرابع
ضغط الدم المرتفع جزء طبيعي من
الشيخوخة
يعاني خمس عدد سكان الدول المتقدمة وفق المعطيات
الإحصائية العالمية من ضغط الدم المرتفع، وحسب الدولية للمعلومات الصحية
«ستاتس»، سيعاني من ارتفاع ضغط الدم في عام 2025 كل رابع شخص في العالم.
غير انه ليس من الصحيح القول بان ارتفاع ضغط الدم يعتبر جزءا طبيعيا من
التقدم في العمر، وان جميع المتقاعدين يعانون منه، وبالتالي ليس من مبرر
للقلق من هذا الأمر.
إن الإصابة بارتفاع ضغط الدم ترتفع مع التقدم في
العمر بدليل أن المجموعة التي تتراوح أعمار أفرادها بين 20 و30 عاما يعاني
فيها من هذا المرض 5% من الرجال و2% من النساء، مقابل معاناة 38% من الرجال
و41% من النساء في المجموعة التي تتراوح الأعمار فيها حوالي الخمسين عاما،
غير انه في المقابل لوحظ ان 50% من الرجال و60% من النساء من الذين تزيد
أعمارهم عن ستين عاما يرتفع ضغط الدم لديهم مما يعني أن ارتفاع ضغط الدم لا
يصيب الأغلبية الساحقة من المتقاعدين، وان هذا المرض يمثل جزءا عاديا من
الشيخوخة.
الوهم
الخامس
الضغط المرتفع يزيد من التعرض للجلطتين القلبية والدماغية
على
الرغم من أن هذا الوهم منتشر بشكل واسع، فإنه ليس من الصحيح من وجهة النظر
الطبية القول بان ارتفاع ضغط الدم يؤدي بالضرورة إلى تنامي مخاطر الإصابة
بالجلطة القلبية أو السكتة الدماغية، فليس هناك صلة مباشرة بين ضغط الدم
المرتفع والإشكالات التي تحدث للقلب.
فالخطر الرئيسي لا يأتي من ارتفاع
القيم المسجلة في ضغط الدم إنما من الارتفاع بحد ذاته، أي بكلمات أخرى فان
الإنسان الذي يرتفع ضغط الدم لديه من 120/80 إلى 140/90 يتعرض للمخاطر
الصحية نفسها التي يمكن أن تصيب الذي يرتفع ضغطه من 140/90 إلى 160/90 .
الوهم السادس
التوقف
عن تناول الملح
هذه المسألة واحدة من أكثر القضايا التي تثير
جدلا وترتبط بمسألة ارتفاع ضغط الدم، لأنه ليس واضحا بشكل حاسم بان على
المصابين بارتفاع ضغط الدم التوقف عن استخدام الملح في طعامهم. وقد اجري في
هذا المجال أكثر من 20 الف بحث في العالم، ولم تصل هذه الابحاث إلى نتيجة
حاسمة وواضحة بهذا الشأن، لان احد الأطراف يتبنى رأيا يقول ان الاستهلاك
المبالغ فيه للملح هو الذي يسبب ارتفاع ضغط الدم، في حين يعارض الطرف الآخر
ذلك مشددا على أن الملح ليس المذنب، إنما عدم وجود توازن داخل الجسم في
مواد الصوديوم والبوتاسيوم والمغنيسيوم.
وتكمن المشكلة بعد ذلك في رأي
أنصار النظرية الثانية في أن اغلب الأطعمة شبه المحضرة، أو الطعام المعلب،
وما يسمى بالأطعمة السريعة، تحتوي على كميات كبيرة من الصوديوم في حين يغيب
عنها البوتاسيوم والمغنيسيوم، وبالتالي تحدث حالة من عدم التوازن في
الجسم. لذلك فان الحل يكمن في رأيهم ليس في إبعاد الملح من قائمة الطعام،
إنما في تناول الطعام الذي يحقق التوازن ويتضمن جميع هذه العناصر بشكل
متساوٍ